خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثالث عشر

خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثالث عشر

الأردنعمان
25 تشرين الثاني/نوفمبر 2000

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فباسم الله، وعلى بركة الله، نفتتح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثالث عشر، ونسأله سبحانه وتعالى، العون والتوفيق في حمل أمانة المسؤولية، والنهوض بالواجب، وخدمة شعبنا الخير، وتحقيق ما يصبو إليه، من تقدم ورفعة وازدهار.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

يأتي انعقاد هذه الدورة لمجلسكم الكريم، ليؤكد على سلامة مسيرتنا الديمقراطية، وعلى حرصنا جميعا، على ترسيخ جذور هذه المسيرة، وفتح الآفاق أمامها، وصولا بها إلى المستوى الذي يليق بشعبنا، وطموحاته النبيلة، في التنمية والحياة الكريمة، والمستقبل المشرق بإذن الله، وهي مناسبة نؤكد فيها من جديد، على أن غايتنا الأولى، وشغلنا الشاغل هو تحقيق التنمية الشاملة، من خلال النهوض باقتصادنا، وتحديث مؤسسات الدولة وأجهزتها، بحيث تنعكس الآثار الإيجابية لكل ذلك، على مستوى حياة المواطن، وأوضاعه المعيشية وانطلاقا من هذه الرؤية، فلا بد لنا من العمل المخلص الجاد، من أجل إعادة تأهيل وإعداد الإ نسان الأردني، وفتح المجال أمام مواهبه الخلاقة، ولا بد من إعادة النظر في العديد من التشريعات والأنظمة، التي تعيق المسيرة، ووضع التشريعات والقوانين، التي تمكننا من تحديث أجهزة الدولة ومؤسساتها، والارتقاء بقدرتها على العمل والإ نجاز.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

لقد قام مجلسكم الكريم، خلال العام الماضي، بإنجاز العديد من التشريعات والقوانين، وإنني إذ أشكركم على هذه الإنجازات، وأؤكد على عميق اعتزازي بمجلسكم الكريم هذا، وبما ينهض به من مسؤوليات جليلة، لأتطلع في الوقت نفسه، إلى المزيد من الإنجازات، التي أنتم أهل لها، وإلى المزيد من التعاون والتنسيق، بين السلطات الثلاث، فكلنا شركاء في تحمل المسؤولية، ولا بد لنا من العمل يدا بيد، وبروح الفريق الواحد، الذي يضع مصلحة الوطن، فوق كل المصالح والإعتبارات.

أما المواطن فهو غاية هذه الرؤية ووسيلة تحقيقها، من خلال دوره في اختيار أعضاء مجلس النواب، ولذلك فإن الإنتماء الحقيقي، يقتضي أن يبادر كل مواطن، عندما تجرى الإنتخابات البرلمانية القادمة، إلى ممارسة حقه في اختيار من يعتقد أنه يمثله، ومن يعتقد أنه مؤهل وقادر، على حمل هذه الرؤية الوطنية، والعمل على تحويلها إلى واقع ملموس. إن العالم من حولنا، ينظر بعين التقدير والإعجاب، لما تحقق وأنجز في هذا الوطن، عبر العقود الماضية. وهذا ينبغي أن يكون حافزا قويا لنا، لمواصلة المسيرة، ومواجهة التحديات، والإقدام على التحديث والتطوير، والتغيير نحو الأفضل، بثقة وتفاؤل، وعزم وتصميم. وقد آن الأوان، لتجاوز حالات التشاؤم والسوداوية، والخوف من التغيير، أو الا نتقاص مما تحقق، أو سيتحقق في المستقبل، بإذن الله.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

إن قضاءنا الأردني النزيه، موضع اعتزازنا وثقتنا الكاملة، وستعمل حكومتي على دعم استقلاله ورعايته، وتوفير كل الإمكانيات التي تعينه على حمل رسالته النبيلة، من خلال أعمال اللجنة الملكية لتطوير القضاء التي أمرنا بتشكيلها لهذه الغاية فالعدل أساس الحكم، وهو الضمانة لسيادة القانون، والمساواة والعدل بين الناس، والحفاظ على قيم التسامح والترابط والتكافل، بين أبناء المجتمع. أما قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، فهي درع الوطن ورمز كرامته، وعينه الساهرة وذراعه القوية، وهي موضع الثقة والفخر والإعتزاز، وستعمل حكومتي على توفير كل ما تحتاج إليه، لتطوير قدراتها وإمكانياتها، بما يتلاءم والتقدم السريع، في عالم الإعداد والتجهيز، مؤكدين أمام مجلسكم الكريم، أن حقوق الإنسان وحرياته، وصون كرامته، وتوفير الأمن، وضمان الإستقرار، منظومة واحدة متكاملة، لبناء الأردن القوي، دولة المؤسسات وسيادة القانون، وواحة الحرية والديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

لقد أصبحت خدمات البنية التحتية الأساسية، تمتد على كامل أرض الوطن، وستعمل حكومتي على توسيع تلك الخدمات، وضمان عدالة توزيعها، وإيلاء المناطق النائية، والأقل رعاية، اهتماما خاصا، ودعم قطاع الزراعة بشتى الوسائل، تعزيزا لانتماء المواطن وارتباطه بالأرض، التي يفتديها بدمه وعرقه.

أما موضوع المياه، وهو في قمة أولوياتنا الوطنية، فقد اتخذت حكومتي العديد من الإجراءات، لاستغلال مصادرنا المائية، بشكل عملي واقتصادي، وتوفير مصادر مائية جديدة، في جميع المحافظات، وستواصل برامجها لنقل مياه حوض الديسي، واستعمال الطاقة لتحلية مياه البحر، وستولي حكومتي عناية خاصة لقطاعات الصحة، والنقل، والطرق، والبيئة والإنشاءات، وتنظيم قطاع الإتصالات، وتطوير الموارد البشرية في هذا القطاع. كما ستعمل حكومتي على الإستغلال الأمثل، للمواقع السياحية، وزيادة الإستثمار السياحي، وصيانة الآثار والحفاظ عليها.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

إننا ندرك أن الإعلام والصحافة، هما صورة الوطن أمام المواطنين والعالم، وستعمل حكومتي على الإرتقاء بهذا القطاع الهام، في إطار من الحرية، واحترام الرأي الآخر، والتعددية الفكرية، وفي مناخ من الوعي والإلتزام، بالمصلحة الوطنية العليا، كما ستظل الحركة الثقافية، موضع الرعاية والإهتمام، من خلال دعم الكتاب والمثقفين، وتقدير الإبداع والمبدعين، وإيجاد العديد من المراكز والمؤسسات، التي تساعد على النهوض بالحركة الثقافية.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

إننا على أبواب القرن الحادي والعشرين، وهذا يرتب علينا الكثير من المسؤوليات، تجاه مجتمعنا، وعلاقاتنا بالعالم من حولنا، وتعزيز قدراتنا على المواكبة والتفاعل، والإستفادة من منجزات هذا العصر، العلمية والتكنولوجية. وفي هذا المجال ستستمر حكومتي في تطوير العملية التربوية، ورفدها بالكفاءات المتميزة، ضمن برامجنا للأعوام 2000 - 2005، وتعميم تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول، وتزويد المدارس بأجهزة الحاسوب، للارتقاء بنوعية التعليم ومستوى الخريج. وستقوم الحكومة بتنفيذ مشروع حماية الطفل والمرأة، وتطوير برامج تنظيم الأسرة، وإنشاء مدينة الحسين للرعاية الإجتماعية بيادر الخير"، وتفعيل برامج المشاريع الجماعية والإنتاجية. كما ستعمل الحكومة، على بلورة سياسة واضحة للنهوض بقطاع الشباب، على أسس علمية وتربوية، تعزز انتماءهم، وترسخ في نفوسهم مفاهيم العمل، المهني والإبداعي والتطوعي.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

وتأكيدا على دور القطاع الخاص، في عملية التنمية الإقتصادية، ستستمر حكومتي في إجراءات الخصخصة، وفق القانون، الذي أقره مجلسكم الكريم، وتحويل العقبة إلى منطقة اقتصادية خاصة، تستقطب الإستثمارات، من داخل المملكة وخارجها، وتوفر فرص عمل حقيقية لأبناء الوطن. وستواصل حكومتي دعم الإقتصاد الوطني، من حيث تطوير الإنتاج، وتوفير البيئة الاستثمارية، لجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، وتطوير القطاعات الإنتاجية، الزراعية والصناعية، وتوحيد التشريعات والنظم في هذا المجال وستعمل حكومتي على تحديث الجهاز الإداري للدولة، ومحاربة كل أشكال الفساد، والمحسوبية والشللية، واستغلال المنصب العام لأغراض شخصية، وقد شكلنا لهذه الغاية لجنة مكافحة الفساد وستعمل حكومتي على تطوير آلية عمل القطاع العام، وتحديث التشريعات، وتحكيم مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في التوظيف، واختيار القيادات الإدارية.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

لقد كان الأردن، وسيظل بعون الله، وفيا لمبادئ الثورة العربية الكبرى، ورسالتها في الحرية والوحدة، وستظل وحدتنا الوطنية مصدر الفخر والإعتزاز وموضع حرصنا جميعا على صونها وحمايتها فنحن نؤمن أن هذه الوحدة أمر مقدس وخط أحمر لن نسمح لأحد بتجاوزه أو التطاول عليه بأي شكل من الأشكال وسنظل في طليعة أبناء أمتنا في الدفاع عن حقوقها، والعمل من أجل مستقبلها، ونحن في الأردن، ملتزمون ضمن الإجماع العربي بعملية السلام، التي استندت إلى الشرعية الدولية، لتحقيق السلام الدائم والعادل والشامل، السلام الذي يعيد الأرض المحتلة إلى أصحابها الشرعيين.

وستواصل حكومتي جهودها من أجل دفع المسيرة السلمية، وتمكينها من تحقيق التقدم المنشود على جميع المسارات، وستستمر في دعم الأشقاء الفلسطنيين وإسنادهم، حتى يتمكنوا من استعادة حقوقهم، وإقامة دولتهم المستقلة، على ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس. إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من أعمال القتل والحصار هي أعمال تدينها كل الشرائع والقوانين الدولية والإنسانية. وإننا إذ نتوجه بتحية الإجلال والإكبار لنضال الشعب الفلسطيني ونترحم على شهدائه الأبطال فإننا في الوقت نفسه نطالب المجتمع الدولي بالقيام بواجبه لوضع حد لما يتعرض له هذا الشعب من ظلم ومعاناة، وتمكينه من حريته واستقلاله على ترابه الوطني.

أما الأشقاء في سوريا ولبنان، فلن نتوانى عن تقديم الدعم والمساندة لهم، من أجل استعادة حقوقهم وأراضيهم المحتلة، وصولا إلى السلام الذي تريده شعوب المنطقة.

أما العراق الشقيق، فستبذل حكومتي مع الأشقاء العرب، والمجتمع الدولي، جهدها لوضع حد لمعاناة هذا البلد العربي، ورفع الحصار عنه، مؤكدين حرصنا الثابت، على وحدة العراق وسلامة أراضيه. وستواصل حكومتي الجهود المخلصة من أجل توحيد جهود الأمة ومواقفها، تجاه قضاياها المصيرية، وستستمر في دعم مؤسسات العمل العربي المشترك، وإقامة علاقات عربية متوازنة، أساسها المودة والإحترام، والثقة والتعاون، وعدم التدخل في شؤون الآخرين. واستمرارا لنهجنا في العمل من أجل وحدة الأمة سيستضيف الأردن مؤتمر القمة العربية في شهر آذار القادم وهي القمة العربية الثالثة التي يستضيفها هذا الحمى العربي الأصيل.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

إن مسيرة الوطن تحتاج إلى جهد مخلص، وعمل دؤوب، وعزيمة ماضية، وتعاون مثمر، بين أبناء أسرتنا الأردنية الواحدة، لنبني جميعا مستقبل الأجيال، في وطن آمن مستقر ومزدهر بإذن الله. وأسأل المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا، ويسدد على طريق الخير خطانا، خدمة لوطننا وأمتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،