منبر صلاح الدين يعود الى المسجد الاقصى المبارك

23 كانون الثاني 2007
عمان ، الأردن

عاد منبر صلاح الدين إلى مكانه الطبيعي في الأقصى المبارك بعد أن أعاد له الهاشميون ألقه الذي كان عليه، قبل أن تمتد اليد الآثمة إليه يوم الحادي عشر من آب عام 1969 التي أحرقت المنبر فيما أتت النيران على جزء كبير من مرافق المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني مسجد بني في الأرض وثالث الحرمين ومسرى ومعراج رسول الهدى محمد عليه السلام.

وسيبدأ خلال الأيام القادمة الشروع في تركيب المنبر الجديد في المسجد الأقصى المبارك بعد وصوله إلى مدينة القدس الشريف اليوم وتجهيزه بشكل مطابق للمنبر الأصلي بكافة مواصفاته وتفاصيله.

وكان جلالة الملك عبدﷲ الثاني، الذي تبرع بكافة تكاليف بناء المنبر، أزاح في الخامس والعشرين من شهر تموز من العام الماضي، في جامعة البلقاء التطبيقية الستار عن منبر صلاح الدين مؤذنا بذلك ببدء عملية إعادة المنبر إلى المسجد الأقصى ومجسدا حرص الهاشميين على أعمار وبناء المقدسات الاسلاميه.

وبرعاية ومتابعة حثيثة من جلالة الملك عبدﷲ الثاني الذي وضع في السابع والعشرين من شهر رمضان عام 2002، اللوحة الزخرفية الأساس للمنبر، جرى إعادة بناء هذا المنبر من خلال كلية الفنون الإسلامية في جامعة البلقاء التطبيقية التي قامت بفضل خبرات وقدرات وطاقات أساتذتها والعاملين فيها من تنفيذ هذا العمل ليأتي مطابقا للمنبر الأصلي بكافة تفاصيله.

ويجسد منبر صلاح الدين تاريخيا الانتصار على الفرنجة المحتلين حيث استعمله صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس عام 1187، كما يجسد فنيا التحفة الوحيدة من نوعها لأنه لا يوجد منبر مماثل في حجمه أو حجم الزخارف فيه التي تعتمد التعشيق والحفر على الخشب من كلا الجانبين.

يشار إلى أن عملية بناء منبر جديد ليكون نسخة طبق الأصل عن منبر صلاح الدين الذي حرق بالكامل في حريق المسجد الأقصى عام 1969 لم تكن بالعملية السهلة على الإطلاق حيث لم تكن هناك تصاميم أو نموذج متكامل للمنبر يمكن العمل على غراره، وكاد العالم الإسلامي أن يفقد أسرار هذا النوع من الفن القائم على مبدأ علمي وفلسفي إسلامي خالص، منذ أربعمائة عام أي منذ بناء قصر تاج محل في الهند، حيث فقد المبدأ العلمي الذي كان يقوم البناء الفني عليه وأصبح الذين ينفذون أعمالا فنية إسلامية قلة نادره.

وكان التحدي الكبير الذي واجه الحرفيون والمهندسون المشرفون على هذا العمل هو تجميع 500ر16 قطعة بعضها لا يتعدى طوله المليمترات القليلة في بناء فني طوله ستة أمتار بدون استخدام مواد تثبيت من صمغ أو مسامير أو براغي أو غراء بل باستخدام طريقة التعشيق لإنتاج ما يمكن تسميته بفن المنبر الذي تمثل في فنون الزخرفة الهندسية والزخرفة النباتية والخط العربي والمقرنصات والخراطة والتطعيم بالعاج والأبنوس والتعشيق وهي الأنماط الستة الرئيسية المكونة للفن الإسلامي.

وكان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال قد أمر بإعادة صنع منبر صلاح الدين عام 1993 قائلا في كتاب وجهه إلى رئيس الوزراء آنذاك عبد السلام المجالي "لقد صممنا وآلينا على أنفسنا أن نحافظ على المقدسات والتراث الخالد الذي منه منبر صلاح الدين الأيوبي ذلك المنبر الذي لم يعمل في الإسلام مثله، ولا بد من إعادة صنعه على صورته الحقيقية المتميزة ببالغ الحسن والدقة والإتقان ليعود إلى سابق عهده في أداء دوره التاريخي في هداية المؤمنين وتوعيتهم وحفزهم على التعاون والتضامن".

لقد تواصل الأعمار الهاشمي للأماكن الإسلامية منذ عام 1924 حينما تبرع الشريف حسين بن علي طيب ﷲ ثراه، بمبلغ "50" ألف ليرة ذهبية شكلت الأساس لأعمار المسجد الأقصى وعدد أخر من مساجد فلسطين وكان المغفور له بإذن ﷲ جلالة الملك عبد ﷲ المؤسس هو الذي أطلق الدعوة لترميم محراب زكريا وإعادة ترميم المباني المحيطة والتي عانت من أضرار هيكلية خلال حرب عام 1948.

وفي عهد المغفور له بإذن ﷲ جلالة الملك الحسين بن طلال طيب ﷲ ثراه، عملت الحكومة الأردنية عام 1952على ترميم قبة الصخرة المشرفة وفي العام 1959 بدأ الترميم الثاني للقبة الذي انتهى عام 1964 وفي عام 1969 وبعد تعرض منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى المبارك لأضرار كبيره، حيث جرى إعادة ترميمه.

وفي أواخر عقد الثمانينات الماضي، أصدر جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال توجيهاته بتصفيح قبة الصخرة المشرفة بحوالي 5000 قطعة ذهبيه، وإعادة بناء دعامات السطح وتصليح البنية الأساسية للمبنى وتم توجيه اهتمام خاص لترميم منبر صلاح الدين، واختيار المواد التي تشبه المواد التي استعملت في بناء المنبر الأصلي قبل تعرضه للحريق.

وأنفق جلالة المغفور له الملك الحسين أكثر من ثمانية ملايين دينار هي ثمن بيت له في لندن، تم بيعه لصالح الإعمار ولتمويل المشروع الذي يعد من أكثر أعمال التاريخ طموحا في التاريخ.

وفي شهر رمضان من العام الماضي، أعلن جلالة الملك عبدﷲ الثاني عن بناء مئذنة خامسة للمسجد الأقصى المبارك وتنفيذ احتياجات المسجد من الصيانة اللازمة وتجديد فرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد، لما لهذا المكان المقدس من مكانة كبيرة لدى الهاشميين والمسلمين في كل مكان..حيث تم اختيار السجاد الجديد لمسجد قبة الصخرة بمساحة تصل الى 2000 متر مربع بعناية فائقة من حيث اللون والمواصفات تتلاءم مع طبيعة وقدسية المسجد.

كما أعلن جلالته عن إنشاء صندوق خاص ووقف يعنى بالمقدسات ويساعد على تلبية هذه الاحتياجات ويضمن استمرارية صيانة وحماية وإعمار المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفه.

وتبلغ قيمة هذه المشاريع والاحتياجات التشغيلية للمسجد الأقصى بما في ذلك إنشاء المئذنة الخامسة وتجديد فرش قبة الصخرة نحو خمسة ملايين دينار سنويا.