رد مجلس النواب على خطاب العرش السامي 2003

عمان
14 كانون الأول/ديسمبر 2003

اكد مجلس النواب انه بالهمة العالية والارادة الراسخة نحو ترجمة الاردن اولا من لغة الشعارات الى واقع من المنجزات يغدو معها الاردن شامخا بهويته العربية والاسلامية معتزا بابراز الصورة المشرقة الحقيقية للاسلام عقيدة وممارسة فكرا وحضارة تسامحا وتميزا وابداعا ملتحما بامته العربية والاسلامية معتزا بانتسابه اليها ونسبه الهاشمي فيها.

 وقال المجلس في رده على خطاب العرش السامي الذي القاه امام جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم في الديوان الملكي الهاشمي رئيس المجلس عبد الهادي المجالي ان الانطلاقة الواعدة التي رسمها خطاب العرش للتنمية الشاملة بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد جاءت متسمة بالجدية والوضوح مؤكدا انها وقعت في نفوس ابناء الشعب موقعا يبشر بتغيير حقيقي خير قادم لما تقوم عليه هذه الانطلاقة من قواعد واضحة وآليات عمل محددة.

 كما اكد المجلس ترحيبه بدعوة جلالة الملك الى حوار وطني شامل يفضي الى مؤتمر وطني لبحث مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية مشددا ان المجلس سيعمل على انجاح هذه الدعوة والمساهمة في النهضة الوطنية المنشودة.

وحضر تلاوة الرد على خطاب العرش السامي عدد من اصحاب السمو الامراء ورئيس الوزراء ورئيس المجلس القضائي ووزير البلاط الملكي الهاشمي ومستشارو جلالة الملك.

وفيما يلي رد مجلس النواب على خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الامين

حضرة صاحب الجلالة الهاشمية
الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فانه ليشرف مجلس النواب الرابع عشر وهو المجلس النيابي المنتخب الاول في عهدكم الميمون ان يرفع الى مقام جلالتكم رده على خطاب العرش الذي تفضلتم بالقائه مفتتحا به الدورة العادية الاولى لمجلس الامة الرابع عشر معربا عن بالغ شكره وعميق امتنانه لافتتاح دورته العادية الاولى ايذانا ببدء مسيرة العمل والنهوض والتطوير سعيا لوضع شعبنا ووطننا في المكانة التي ترنو اليها قيادتنا الطموحة ويستحقها شعبنا العزيز.

يا صاحب الجلالة،
انه لمما يثلج الصدر ويبهج النفس ويغمر قلوب ابناء الشعب ونوابه بالامل بمستقبل واعد ما شكله خطاب العرش في مستهل فقراته من صورة بهية جلية عكستها رؤية واضحة لقيادة طموحة وثابة قد عقدت العزم على التغيير والتطوير نحو اردن واعد انموذج لدولة عربية اسلامية ديمقراطية قائمة على العدل والمساواة في ظل سيادة القانون والنهج المؤسسي واثراء التعددية السياسية واحترام حرية المواطن وصيانة حقوقه الدستورية. ان نواب الشعب ليؤكدون لجلالتكم ان هاجسهم الاساس وهمهم الرئيس هو منعة الاردن وتعزيز قوته ليبقى راسخا في محيطه العربي والاسلامي والدولي عصيا على الاختراق سلسا في التعامل والتفاعل والانطلاق نسعى جميعا خلف قيادتكم لتحقيق خيره ورفعته وازدهاره دون كلل او ملل لا تقعدنا الازمات ولا تعوقنا الصعوبات.

يا صاحب الجلالة..
ما كان الاردن يوما ولن يكون في نفس القيادة وفي نفوس ابنائه ونوابه الا أولاً ولئن كانت هذه المقولة قد عنت لبعضهم تفسيرا قد يصرف الاردن جزئيا عن دوره المشرف عربيا واسلاميا ودوليا فان على اؤلئك الذين جنحوا بتاويلاتهم ان يعلموا يقينا ان الاردن بطبعه وطبيعته اردني المنطلق قومي الهوية اسلامي التوجه عالمي الحضارة والرسالة وان قوة هذا الحصن ومنعته باذن الله ثم بعزم قيادته وعزيمة ابنائه هي لاشقائه تماما كما هي لابنائه وان زعزعة هذا الحصن لا قدر الله هي زعزعة للجدار الذي يستند اليه الاشقاء من ابناء امته كافة وبخاصة في فلسطين والعراق.

اننا نتطلع مع جلالتكم بالهمة العالية والارادة الراسخة نحو ترجمة "الاردن اولا" من لغة الشعارات الى واقع من المنجزات يغدو معها الاردن شامخا بهويته العربية والاسلامية معتزا بابراز الصورة المشرقة الحقيقية للاسلام عقيدة وممارسة فكرا وحضارة، تسامحا وتميزا وابداعا ملتحما بامته العربية والاسلامية معتزا بانتسابه اليها ونسبه الهاشمي فيها. يا صاحب الجلالة ان الانطلاقة الواعدة التي رسمها خطاب العرش للتنمية الشاملة بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد جاءت متسمة بالجدية والوضوح وقد وقعت في نفوس ابناء الشعب الذي نتشرف بتمثيله موقعا يبشر بتغيير حقيقي خير قادم لما تقوم عليه هذه الانطلاقه من قواعد واضحة واليات عملية محدده منتظرين ان تتقدم الحكومة ببرنامج عمل شامل يترجم هذه الانطلاقة الواعدة بمختلف ابعادها الشاملة.

اننا نتطلع مع جلالتكم الى مجتمع تطلق فيه مختلف طاقاته بكل شرائحها وفي شتى مجالاتها وفي مقدمتها الشباب عدة الامة ومعقد رجائها وبناة مستقبلها رواد التغيير المنشود نحو رخائها وازدهارها ولذا فلا بد من ايلاء الشباب جل اهتمامنا واعدادهم اعدادا لائقا بمستوى طموحاتنا عقيدة وفكرا.. تربية وتعليما.. تدريبا وتاهيلا لتهيئة جيل المبادرة والتحدي والمنافسة والقدرة على التطوير والتغيير والريادة في عالم لم يعد فيه مكان للضعفاء ولا للعاجزين عن التفاعل والتعامل بكفاءة مع ما يحيط بهم من تسارع في التغيير والتطوير نحو النماء والارتقاء. اما المراة فهي نصف المجتمع وشريكة الرجل في مسيرة البناء والتنمية في مختلف مجالاتها وهي القاعدة الاساسية في بناء الاسرة ومصنع الرجولة واعداد جيل الغد القادر على بناء المستقبل الواعد المنشود ولذا فان اهتمامنا بها هو اهتمامنا بحياتنا وبمستقبل اجيالنا ولا بد من مواصلة تعزيز دورها ومشاركتها في مسيرة المجتمع والدولة بمختلف قطاعاتها وشتى مجالاتها.

يا صاحب الجلالة..
اننا ونحن نقف امام مصطلح تعميم الثقافة الديمقراطية الذي اكد عليه خطابكم السامي لنستذكر القواعد الربانية التي انزلها الله عز وجل على خير امة اخرجت للناس في مجال الشورى وحرية الفكر والاعتقاد ومبدأ الحوار او المجادلة بالتي هي احسن ولنا في قوله تعالى (( وامرهم شورى بينهم )) خير نبراس لاعمال ثقافة الحوار والديمقراطية ولنا في قوله تعالى (( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن)) خير سند لوجوب انتهاج الحكمة في الحوار مع الطرف الاخر.. فاذا كان العلي الجليل سبحانه يوجهنا الى توخي الحكمة في محاورة من يكفرون بديننا افلا نتدبر قوله تعالى في لزوم توخيها في محاورة بعضنا بعضا.

يا صاحب الجلالة..
ان دعوة جلالتكم الى حوار وطني شامل يفضي الى مؤتمر وطني لبحث مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويقترح الحلول الناجعة لها هي موضع تقديرنا وترحيبنا جميعا وسنعمل باذن الله على انجاح هذه الدعوة املين ان تقود الى دراسات علمية وعملية تحظى بتوافق وطني ترسم مسيرة الاصلاح المنشود بخطة شاملة بمختلف المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعرضها الحكومة على مجلس النواب لمناقشتها واقرارها ايذانا بالتهيئة للسير في تطبيقها ضمن منظور زمني نرجو الا يطول امده.

اما الجهاز القضائي فاننا لم نال ولن نالو جهدا في دعم استقلاليته وترسيخ حياده ونزاهته واقرار الحوافز تلو الحوافز وتحسين الاوضاع المعيشية لاعضائه توخيا لايجاد قضاة اكفياء اقوياء امناء يحكمون في اموال العباد وارواحهم واعراضهم بمنتهى النزاهه والعدل والانصاف لا تاخذهم في احقاق الحق لومة لائم ولا تجد الضغوط سبيلا لحيدهم عن نزاهتهم.

واسمح لنا يا صاحب الجلالة ان نصارحكم حول هذا الجهاز الذي بات يحتاج الى اصلاح عاجل تماما كما يحتاج الى تطوير ملح ورفده بكوادر ذات ثقافة قانونية عميقة وخبرة قضائية واسعة ولن نبالغ ان قلنا ان وضع الجهاز القضائي يحتاج الى مؤتمر متخصص للاصلاح والتطوير.

يا صاحب الجلالة..
اننا نشارك جلالتكم التطلع الى اعلام دولة عصرية قادر لا على مجرد ان يكون مرآة نقية تعكس واقع المجتمع والدولة بل ان يتعداه لاخذ دور ريادي في توجيه وقيادة الراي العام نحو القضايا الوطنية والمصالح العليا للوطن والشعب والامة وان يعكس هوية المجتمع وفكره وعقيدته وثقافته في دوراته البرامجية.

وفي هذا المقام فاننا ننتظر من المجلس الاعلى للاعلام ان يتقدم بخطة استراتيجية طموحة تنقل الاعلام من واقعه الحالي الى مستوى الطموح الذي يرتقي به اعلام الدولة الديمقراطية العصرية في وسط ثورة الاتصالات والمعلومات العالمية.

يا صاحب الجلالة..
ان الاردن المثال والنموذج القدوة الذي يمثل قوام رؤية جلالتكم لهو الذي نسعى جميعا الى تحقيقه مما يحتم علينا احداث صياغة جديدة ونقله نوعيه للانسان الاردني اداة التغيير ووسيلة تحقيق التنمية الشاملة وغايتها الامر الذي تبدو ملامحه في عقلية مستنيرة وثقافة مهنية متميزة وارادة حرة جريئة وقدرة على اتخاذ القرار واحداث التغيير غير هيابة ولا مترددة تنشد التغيير المتجدد سبيلا للتطوير المستمر والاصلاح الشامل وفق خطه عملية قائمة على منهجية علمية ودراسات ميدانية ولغة رقمية مرتبطة بجدولة زمنية تمكن من الرقابة الدورية والتقييم الحقيقي لحجم الانجاز من الاهداف المحددة فيها.

وعليه فاننا نتطلع الى وضع مشكلتي الفقر والبطالة في التعامل معهما في هذا السياق حتى ننتهي من لغة الحديث عن مخاطرهما الى وضع الحلول الناجعه لهما.

يا صاحب الجلالة..
ان التنمية السياسية في الدولة الديمقراطية العصرية لا تقوم ولا تتقدم بغير احزاب سياسية تستند الى ارادة سياسية حقة وثقافة شورية ديمقراطية صادقة قائمة على برامج عملية ورؤى اصلاحية شمولية تتنافس ولا تتناحر تعرض برامجها وخططها على الشعب ليختار منها ما يحقق مصالحه وما يتصدى لهمومه وحل مشكلاته وما هو قادر منها على رسم مستقبل واعد لاجياله وصولا الى مبدأ التداول السلمي للسلطة في منهجية تأليف الحكومات وفق تعددية سياسية تكون المعارضة فيها صمام امان واداة رقابية ضابطة لسياسات وقرارات الاغلبية الحاكمة وعونا لها في النهاية على تحقيق مصلحة الوطن والمواطن.

ان مجلس النواب ليؤكد لجلالتكم رغبته الصادقة وقدرته الفاعلة باذن الله على المساهمة في النهضة الوطنية المنشودة سواء من خلال دوره التشريعي وسرعة الانجاز للقوانين التي تتطلبها الانطلاقة المرجوة او من خلال الرقابة على اداء الحكومة عبر تحديث تلك الرقابة وتفعيلها من خلال اللجان المختصة ومتابعتها لعمل كل وزارة وتقييم ادائها وفقا لخطة زمنية ستطلبها اللجنة المختصة من الوزير المعني ومحاسبته دوريا على اساسها هذا الى جانب وسائل الرقابة المتعددة التي كفلها الدستور ونص عليها النظام الداخلي للمجلس مطمئنين جلالتكم اننا لن نتوانى في محاربة الفساد والمحسوبية والشللية وكل معاول الهدم في بناء الدولة او النيل من حرية المواطن وحقوقه الدستورية.

وانسجاما مع رؤى جلالتكم وتوجيهكم السامي بوجوب احكام الرقابة فلن نمهل اي وزير ليجرب في مصالح شعبنا اذا ما ثبت لنا عجز في كفاءته او طعن في امانته.

يا صاحب الجلالة..
ان قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية هي درع الوطن وسياج امنه واستقراره فقوتها قوة لامننا الفردي كما هي لامننا الجماعي ولذا فان من حقها علينا ان تحظى بدعمنا المطلق تحديثا وتطويرا وتسليحا حتى تستمر نعمة امننا واستقرارنا التي تستوجب الشكر لله اولا ثم لهذه الاجهزة والقائمين عليها ثانيا.

يا صاحب الجلالة..
ان ما تتعرض له امتنا من تحديات جسيمة ومخاطر محدقة وحرب اباده شرسة سواء على الساحة الفلسطينية او الساحة العراقية وغيرها من الساحات الاسلامية لهو امر مذهل فاق كل حدود الصبر والقدرة على الاحتمال فقد اصبحت امتنا والعديد من اقطارها تحت اقدام الغزاة المحتلين وشلال الدم العربي والاسلامي ماض طالما ظلت يد الطغيان والعدوان والاحتلال طليقة في الذبح والتقتيل والتشريد والحرق والتدمير ومصادرة الارض واجتثاث وجود الانسان.

ومن هنا فان امتنا تحتاج كما ذكرتم جلالتكم الى مراجعة للكثير من مواقفنا لتحقيق عزتها واستعادة كرامتها بأن تتداعى القيادات السياسية والمجالس النيابية في الدول العربية والاسلامية لاعلان موقف رسمي وشعبي لانتشالها من حالة الضياع والهوان وظلم الاحتلال والعدوان.

اننا نقف تحية اجلال واعزاز واكبار امام بطولات اشقائنا في فلسطين وهم يتصدون للعدوان والاحتلال ببطولات عز نظيرها ويذودون عن الارض والعرض وكرامة الامة بأسرها مؤكدين لهم دعمنا ومساندتنا حتى يأذن الله بالنصر ويكون للشعب الشقيق كامل السيادة والحرية في اقامة دولته على ارضه.

كما نحيي كفاح الشعب العراقي الشقيق ونضاله من اجل كرامته وزوال الاحتلال عن ارضه وبناء دولته المستقلة على قواعد الديمقراطية والتعددية.

ولا يسعنا في هذا المقام الا ان نكبر جهود جلالتكم الموصولة ودوركم الرائد الذي يكبر به الاردن وسعيكم الدؤوب نحو نصرة هاتين القضيتين في مختلف المحافل السياسية والدولية تحقيقا لكرامة امتنا ورفعتها واستعادة حقوقها.

وختاما فاننا نضرع الى الله العلي القدير ان يحفظ جلالتكم وان يسدد على طريق الخير خطاكم وان يلهمكم السداد في القول والرشاد في العمل لتحقيق مرضاته تعالى ومصلحة شعبكم ووطنكم وامتكم.

انه نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته