الملك يفتتح محاضرات كلية هاريس بجامعة شيكاغو حول القيادة واساليبها

شيكاغو
09 حزيران/يونيو 2005

قال جلالة الملك عبدالله الثاني أن الأردن ماض في الاصلاح منذ عدة سنوات للوصول الى حياة سياسية ديمقراطية مستقرة وعملية اقتصادية تنافسية حرة وحرية راسخة متجذرة تخدم الشعب الاردني ومصالحه على المدى البعيد.

واضاف جلالته في الخطاب الذي القاه اليوم، في افتتاح سلسلة المحاضرات التي تنظمها كلية هاريس لدراسات السياسة العامة في جامعة شيكاغو باسم جلالته حول القيادة واساليبها، ان الاصلاحات في الاردن قد
حققت نتائج ايجابية قابلة للقياس في مختلف المجالات، مشددا جلالته على اهمية المضي قدما في عملية الاصلاح ضمن نهج شامل اذا ما اردنا ان تزدهر احوالنا وننعم بالامن ونحقق الازدهار الذي يحمله القرن الحادي والعشرون.

وقال جلالته ان حاجة المواطنين ليكونوا جزءا فاعلا في تحقيق المستقبل الايجابي يتطلب وجود قوانين ومؤسسات فاعلة تعمل على تشجيع الاحزاب السياسية التي تمنح المواطن الية للمشاركة لافتا الى اهمية وجود حريات صحفية تمكن المواطنين من التعرف على ما يجري من حولهم واليات لمنع الفساد ووسائل حماية لحقوق الانسان وجهاز قضائي مستقل.

وفي سعي الاردن لتحقيق الاصلاح قال جلالته، اننا نجابه تحديين رئيسيين يتمثلان اولا في المقاومة التي يبديها من يخشون التغيير ولكي يحبطوا العملية فقد حاولوا وصم الاصلاح على انه مفروض من الخارج، وثانيا في المشككين الذين يتساءلون فيما اذا كان الاصلاح سيحدث فعلا، مؤكدا جلالته ان على الجميع ان يدرك ان الاصلاح يعني ايجاد عملية رابحة لا مجال فيها للخسارة او ان يربح البعض على حساب الاخر بل تعمل على تعظيم المكاسب وايجاد الرابحين من مختلف شرائح المجتمع، وهي عملية لن تحظى بالتعزيز الا عندما يرى الناس فوائدها الحقيقية.

واضاف جلالته انه لا يمكن ان نتوقع ان لا يكون هناك مقاومة للاصلاح ولكن وبالاشراف الجيد يمكن التدخل ووضع الامور في مسارها الصحيح والحفاظ على زخم التحرك.

ولتسريع خطى الاصلاح في المملكة قال جلالته.. انه تم تشكيل حكومة جديدة كما ان الاردن لديه لجنة للأجندة الوطنية شاملة لكل الاطياف تعمل على تطوير الاهداف والاولويات الوطنية المحددة ويعمل الاردن ايضا على احداث اللامركزية في عملية صنع القرار التنموي من خلال ايجاد اقاليم تنموية لكل منها مجلس منتخب بصورة مباشرة يكون للناس صوت في اتخاذ قراراته التنموية.

وفي جانب الاصلاح الاقتصادي، قال جلالته ان الاردن يعمل على تشجيع القيادة الاقتصادية ولهذا يتم التاكيد دائما على اهمية بناء الفرص واستهداف جذب الاستثمار الذي ينمي الصادرات والبحث عن افضل النماذج الدولية لمحاكاتها.

وقد جاء هذا النهج، كما اضاف جلالته، مع توسع الاردن بالاستثمار في قطاع التعليم ورفع مستوى المناهج المدرسية وادخال اجهزة الكمبيوتر في الغرف الصفية وتعليم اللغة الانجليزية في مراحل مبكرة مما يساعد الشباب على الدخول في دائرة المنافسة العالمية.

واشار جلالته -الذي حمل منذ توليه سلطاته الدستورية الى دول العالم  من خلال الزيارات واللقاءات مع القيادات السياسية ومؤسسات الفكر الدولية هموم المنطقة وتطلعاتها نحو تحقيق التنمية والازدهار والتقدم وتوضيح الصورة الحقيقية للاسلام وسماحته- الى اننا اقرب من اي وقت مضى لتحقيق الاصلاح الاقليمي، فالانتخابات اضحت جزءا من الحياة السياسية لاعداد متزايدة من العرب، ومشاركة النساء تتنامى، وهناك جيل جديد يجري تفعيله ويتمتع بالوعي على نطاق عالمي.

وقال جلالته ان التركيز في عملية الاصلاح في المنطقة قد توجه الى ثلاث حاجات اساسية تشمل ايجاد اقتصادات غنية بالفرص يمكنها خلق وظائف جديدة للسكان، واقامة حاكمية شفافة بحيث يغدو المواطن معني برسم المستقبل، وتحقيق السلام لانهاء حالة عدم الاستقرار والعنف.

ولفت جلالته الى ان معظم العرب متفقون على ضرورة السير قدما في تنفيذ الاصلاح فتقارير التنمية البشرية العربية اشتملت نقدا ذاتيا صريحا /لفجوات الحرية/ التي اعاقت مسيرة الاصلاح في منطقتنا لعقود طويلة.

واكد جلالته الحاجة الى تقوية المجتمع المدني، مشيرا الى اننا نعمل الان على تطوير نظام نشط للاحزاب السياسية ومع بلوغ هذا الامر مرحلة النضوج فلا بد للنقابات المهنية من ان تعيد التركيز على دورها المهني الاساسي، مشددا على ضرورة ان تكون النقابات شفافة وخاضعة للمساءلة وتركز جهودها على الاداء ودورها المهني الاساسي وموضحا جلالته ان النقابات لا يمكنها ان تفرض موقفا سياسيا وحزبيا واحدا على جميع اعضائها.

وفيما يتعلق بتحقيق السلام الاقليمي، قال جلالته ان الاردن ينادي على الدوام بضرورة وجود عملية يمكن قياسها وذات اهداف واضحة تحدد مدى التقدم الذي تم احرازه، مضيفا جلالته ان هذا العام قد شهد اعادة الفلسطينيين والاسرائيليين التاكيد على التزامهم بالعملية السلمية ومؤكدا الحاجة الى الدعم الدولي لايجاد حل دائم وعادل للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي بايجاد دولتين تعيشان جنبا الى جنب بسلام وامن.

كما اكد جلالته، في خطابه الذي القاه امام عدد من القيادات الفكرية والسياسية الامريكية وطلبة واساتذة جامعة شيكاغو العريقة، الى ضرورة دعم العراق الموحد المستقر الذي يتمتع أبناؤه بمجتمع مدني لا يستبعد احدا من اطيافه.