رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء علي أبو الراغب حول رعاية الأيتام

From King Abdallah II of Jordan
13 شباط/فبراير 2001

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ علي أبو الراغب حفظه الله
رئيس وزرائنا الأفخم

يسرني أن أبعث إليك وإلى إخوانك وزملائك أعضاء مجلس الوزراء بأطيب تحياتي وأمنياتي بالتوفيق، وأن أعرب عن اعتزازي بكم جميعا، وأنتم تنهضون بأمانة المسؤولية وتواصلون عطاءكم الخيّر، من أجل رفعة الأردن وازدهاره وتحقيق طموحات المواطن الأردني وآماله في الحياة الحرة الكريمة، والمستقبل الأفضل بعون الله.

لقد أصبحت رعاية الأيتام، والأطفال الذين تخلى عنهم أهلهم لأسباب متعددة، تأخذ حيزا كبيرا من اهتمام الدولة ومؤسساتها الرسمية والتطوعية. ومع أن المفروض أن تكون هذه الرعاية مرحلية بحيث يتولى الأهل والأقارب استكمال رعاية أبنائهم والعناية بهم، إلا أن بعضهم يعزفون عن استعادة أبنائهم، مما يحرم هؤلاء الأطفال فرصة النمو في جو العائلة الطبيعي، ويخلق عند العديد منهم مشاكل نفسية واجتماعية تجعلهم يشعرون بغربة في مجتمعهم.

لذا أصبح من الأهمية بمكان أن يعاد النظر في نظام رعاية الأيتام، والأطفال الذين تخلى عنهم أهلهم، وفي أسلوب تطبيق هذه الرعاية، بحيث نخلق منهم مواطنين صالحين لديهم القدرة على التكيف والتجاوب مع متطلبات الحياة والاندماج في المجتمع عندما يبلغون سن الرشد. كما يجب أن يولى اهتمام خاص للأطفال الرضع والصغار جدا، فالسنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل تعتبر من أكثر السنوات حرجا في نموه وفي التأثير على تكوينه الجسماني والنفسي.

وللوصول للأسلوب الأمثل في التعامل مع هذه المعطيات فإنني أرى أن يتم تشكيل فريق عمل متخصص توكل إليه مهمة دراسة نظام الرعاية المتبع حاليا في مؤسسات الأيتام، ودور رعاية الأطفال، وتقييم أداء هذه المؤسسات، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في مجالات رعاية الأيتام والأطفال الذين تخلى عنهم أهلهم، والأنظمة المتبعة في هذه الدول، والاستفادة من تجارب وخبرة الآخرين في هذا المجال، وصولا إلى اقتراح النظام الأمثل الذي يمكن تطبيقه في الأردن، ووضع خطة وطنية شاملة، لتحقيق هدف اندماج هؤلاء الأطفال في مجتمعاتهم، بعد تأهيلهم في مختلف مراحل نموهم، ووجودهم في دور الرعاية.

ولا بد أيضا من وضع برامج عمل لتنفيذ هذه الخطة، مع الأخذ بالاعتبار الموارد البشرية والمالية لتحقيق الأهداف المنشودة، وتحديد الصعوبات الإدارية والإجرائية والتشريعية التي قد تعيق تنفيذ هذه الخطة.

آملا أن يتم تشكيل هذا الفريق الوطني المتخصص والمباشرة في العمل بالسرعة الممكنة، وأسأل المولى عز وجل أن يوفقك وزملاءك الوزراء في خدمة الأردن العزيز.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
عبدالله الثاني ابن الحسين