كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال أعمال الدورة العادية الثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال أعمال الدورة العادية الثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة

تونستونس
31 آذار/مارس 2019

كلمة جلالة الملك خلال الدورة العادية الثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في تونس

"بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين

أخي فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي، 
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، 
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب المعالي والسعادة،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيسرني في البداية أن أعرب لأخي فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي وللجمهورية التونسية الشقيقة عن عميق الشكر والتقدير على كرم الضيافة وحسن الاستقبال والتنظيم. وأن أتقدم بالشكر أيضا إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والـمملكة العربية السعودية الشقيقة على جهودهم الكبيرة في تحمل مسؤولية الدورة السابقة.

وأشكر أيضا معالي الأخ أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وكوادرها على ما بذلوه من جهود خدمة للعمل العربي الـمشترك ومتابعة قرارات وتوصيات القمم السابقة.

الإخوة،
الحضور الكرام،

نلتقي اليوم وكثير من الصعاب والتحديات التي تعاني منها شعوبنا تستدعي منا أن نكون عند مستوى طموحات شعوبنا التي تنتظر منا قرارات تحقق آمالهم وتؤكد على وحدة مصيـرنا ومستقبلنا الـمشترك، فشعوبنا، وخاصة الشباب الذين يشكلون الغالبية منها، يستحقون منا العمل من أجل غد أفضل.

لقد شغلتنا، وللأسف، تحديات وطنية داخلية عن الهم العربي لأمتنا الواحدة، وهذا يستدعي الانـتقال من مرحلة مواجهة التحديات كل على حدة إلى التطبيق الحقيقي لمفهوم العمل العربي المشترك، وقد آن الأوان لنستـعيـد بوصلتنا ونقود مجتمعاتنا نحو الأمن والازدهار.

إن تحدياتـنا وإن اختلفت فإن مصيـرنا واحد، ولابـد هـنا من الاتفاق على أن أولوياتنا كأمة واحدة ذات هم مشترك وتحديات واحدة هي:

أولا: القضية الفلسطينية كانت وستـبقى الهم الأول الذي يشغل الوجدان العربي، ونؤكد هنا أن الأساس في التعاطي معها لابد أن يكون ضمن ثوابتنا العربية، فالقضية الفلسطينية يجب أن تبقى القضية العربية المركزية والأولى، ولا أمن ولا استقرار ولا ازدهار في المنطقة دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية يلبي طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية استنادا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

أما القدس الشريف وما تتعرض له المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها من انتهاكات هدفها تغيير تاريخ وهوية المدينة، وانطلاقا من وصايـتـنا الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، فإنني أؤكد على أن الأردن مستمـر بـدوره التاريخي في حمايتها والدفاع عنها.

ونؤكد من على هذا المنبر أيضا على أهمية مواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثـة وتـشغيل اللاجئين الفلسطينـيين (أونروا) حتى تواصل تقديـم خدماتها الأساسية للملايين من اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة.

ثانيا: لابد من التأكيد على أهمية التطورات الإيجابية في العراق الشقيق حيث نجاح العملية السياسية وتشكيل الحكومة، ونـتطلع في الأردن إلى العمل الوثيـق مع الأشقاء في العراق لترجمة العلاقات الثنائية المتميزة وتحويـلها إلى فرص وبرامج على أرض الواقع وذلك انطلاقا من واجب دعم الأشقاء في العراق للحفاظ على ما حققوه من انتصارات ضد الإرهاب واستكمال مسيرة البناء ليـستعيـد العراق دوره الهام في العالم العربي.

ثالثا: أما الشقيقة سوريا، فقد أكدنا منذ بداية الأزمة موقفنا الثابت بأن لا بديل عن حل سياسي يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا ويضمن عودة آمنة وطوعية للاجئين إلى وطنهم.

وقد احتضن الأردنيون، نيابة عن المجتمع الدولي والمنطقة، الأشقاء السوريين وشاركوهم لقمة العيش وسنـستمر بذلك حتى يعودوا إلى وطنهم سالمين آمنين، ونؤكد هنا على أن مسانـدة الدول المستضيفة للأشقاء اللاجئين وتمكينها من الاستمرار بهذا الواجب هو مسؤولية مشتركة.

أما بالنسبة إلى الجولان السوري المحتل، فقد كان موقفنا وسيبقى أن الجولان هي أرض سورية محتلة وفقا لكل قرارات الشرعية الدولية.

الإخوة،
الحضور الكرام،

لقد عانت جميع مجتمعاتنا العربية ومازالت من آفـة الإرهاب، حيث يسعى خوارج هذا العصر إلى تدمير نسيجنا الاجتماعي وتشويه هويـتـنا العربية الإسلامية الأصيلة وإرثـنا القائـم على الرحمـة والتسامح وحرمة الروح الإنسانية.

ورغم هزيمة داعش في العراق وسوريا، إلا أن خطره لم يـنتهي بعد، ولا بد من التصدي لهذا الفكر الظلامي بالعمل وفق منهج شمولي على المسارات الأمنية والفكرية والتنموية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
الحضور الكرام،

لقد أثبتت التجارب خلال السنوات الماضية بأن تحدياتنا العربية عابـرة للحدود، وليس بإمكان أي دولة منفردة أن تدافع عن مصالحها وتواجه الأطماع والتدخلات الخارجية وتنعم بـازدهارها دون عمقها العربي، وأملنا كبير أن تمثل هذه القمة نقطة تحول إيجابية للخروج بمواقف موحدة ورؤى مشتركة تجابه التحديات التي تواجهنا وتسـتـثمر الفرص أمامنا، فالتحدي المشترك لا يمكن مواجهتـه إلا بإرادة مشتركة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته