خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني إلى ابناء الشعب الأردني والأمة العربية والإسلامية والعالم

خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني إلى ابناء الشعب الأردني والأمة العربية والإسلامية والعالم

الأردنعمان
22 آذار/مارس 1999

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة المواطنون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فقد رأيت بعد مرور أربعين يوما على رحيل المغفور له, صاحب الجلالة الهاشمية الملك الحسين طيب الله ثراه أن أتوجه اليكم بتحية الشكر والتقدير والاعتزاز بكم وانتم الأهل والعشيرة والأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة من شتى المنابت والأصول في مدن الوطن وأريافه وبواديه وفي كل مكان من أرجاء المعمورة.

وقد كنتم كما أراد لكم الحسين وعند عهدكم للأردن مثالاً فريداً في الوفاء والأصالة, والانتماء والقدرة على تجاوز المحنة بمنتهى الرجولة وبروح الأسرة الواحدة المتماسكة التي اجتمعت على الخير والانتماء للوطن كما كنتم موضع الإعجاب والتقدير, وأنتم تقدمون للدنيا صورة الأردن المشرقة; دولة المؤسسات الدستورية القادرة على مواجهة التحديات بقوة وثبات ورؤية واضحة.

وقد كنتم أكبر من الشعور بالحزن والفجيعة وأنتم تواجهون الحدث الجلل بمنتهى الصبر والوعي والتماسك والشعور بالمسؤولية والحرص على القيام بواجب الاستقبال والضيافة لرؤساء الدول ووفودها الذين قدموا للمشاركة في تشييع الراحل الكبير, وقد رفعتم رأس الوطن عالياً ولم يكن يوازي حزني على الحسين في تلك الأيام الصعبة إلا شعوري بالاعتزاز بكم وبوقفتكم الحضارية المشرفة التي لن أنساها ما حييت.

وإنني إذا أعرب لكل واحد منكم في كل مكان من الأردن العزيز باسمي وباسم الأسرة الهاشمية عن عميق الشكر والعرفان لأمد يدي مصافحاً أياديكم وأقول لكم لقد كانت وقفتكم خير عزاء لنا فجزاكم الله عنا كل الخير.

أما الإخوة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو من القادة وكبار المسؤولين والمواطنين من شتى أقطار العالم الذين كانوا يطمئنون على الحسين في مرضه, أو الذين جاءوا الى عمان للمشاركة في تشييع جثمانه والوقوف جانبنا ومواساتنا برحيله فأتوجه إليهم بالنيابة عن الأسرة الهاشمية والشعب الأردني بأعمق تحيات الشكر والتقدير والامتنان على ما أحاطونا به من مشاعر نبيلة ومساندة لنا في تلك الظروف الصعبة.

أيها الإخوة المواطنون الأعزاء,

لقد كرس الراحل العظيم كل لحظة في حياته لخدمة شعبه وأمته وبناء الأردن الحديث والدفاع عن قيم الحق والعدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان ومضى ليلقى وجه ربه مرتاح الضمير وهذه سنة الله في خلقه ولكن رسالته العظيمة, ستبقى معنا وسنظل الأوفياء لتلك الرسالة والقيم النبيلة التي آمن بها يرحمه الله ونذر حياته لتحقيقها.

أما وقد أكرمني الله سبحانه وتعالى بشرف المسؤولية الأولى في الأردن العزيز فإنني أعاهد الجميع على مواصلة المسيرة بكل ما أوتيت من قوة وعزم ومعرفة لتحقيق الأهداف والطموحات النبيلة التي عملتم وكافحتم مع الحسين لتحقيقها في اطار من التشاور والمشاركة في تحمل المسؤولية ووضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح والاعتبارات منطلقا في ذلك من ثوابتنا الوطنية القائمة على الإيمان بالله والإخلاص للوطن واحترام الدستور وحماية المسيرة الديمقراطية وتعميق جذورها واستكمال بناء دولة المؤسسات والقانون والعمل على تحقيق النهضة والوفاء لرسالة الثورة العربية الكبرى في الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية.

وسيبقى الأردن بأذن الله جزءا لا يتجزأ من أمته العربية يدافع عن قضاياها العادلة ويسعى لتوحيد كلمتها وموقفها تجسيداً لقناعتنا بوحدة الهدف والمصير وعلى هذا سنستمر في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق حتى ينال حقوقه ويقيم دولته المستقلة على ترابه الوطني ويتحقق السلام الشامل والدائم لشعوب المنطقة.

أما الأشقاء في العراق وليبيا والسودان فإننا نشعر بمعاناتهم في ظل الحصار ونتطلع الى اليوم الذي يرفع فيه الحصار عن هذه الشعوب مؤكدين على أننا لن نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وفي نفس الوقت لن نسمح لأي كان أن يتدخل في شؤوننا الداخلية.

وبعد أيها الإخوة والأهل والعشيرة هذه صورة المسيرة في الأيام القادمة أضعها أمامكم معتمداً على توفيق الله عز وجل ودعمكم ومساندتكم وحرصكم على العمل والبناء بقلوب عامرة بحب الوطن وعزيمة ماضية وجباه عالية مرفوعة.

أحييكم تحية المحبة والاعتزاز وأشكركم مرة أخرى وأسال المولى عز وجل أن يحفظكم ويوفقنا جميعا لما فيه الخير للوطن وللأمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,