رسالة جلالة الملك عبدﷲ الثاني إلى سمو الأمير الحسين بن عبدﷲ بمناسبة عيد ميلاده الثامن عشر

28 حزيران 2012

بسم ﷲ الرحمن الرحيم


صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدﷲ الثاني
ولي عهدنا حفظه ﷲ ورعاه

السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته وبعد،

فيسرني أن أبعث إليك بتحية عربية هاشمية، ملؤها المحبة والرضى، والاعتزاز بك، فارساً هاشمياً نذرته لخدمة وطنه وشعبه الأردني الوفي، وأمته العربية والإسلامية.

وقد أحببت أن أبعث إليك بهذه الرسالة، ونحن نحتفل ونسعد بإكمالك الثامنة عشرة من عمرك المديد إن شاء ﷲ، مما يؤهلك لتحمل أمانة المسؤولية وأعبائها، لعلها تكون منارة تهتدي بها وتستلهمها، في قادم الأيام أسلوب حياة ومنهج عمل.

وقد كانت هذه الرؤية لفلسفة الحكم عندنا نحن الهاشميين، نتوارثها من جيل إلى جيل، وصولا إلى جدنا الأعظم سيدنا محمد صلى ﷲ عليه وسلم، وهو الذي علّمنا وعلّم البشرية جمعاء، أن رأس الحكمة مخافة ﷲ، وأن من يتقي ﷲ يجعل له مخرجاً، وأن من تواضع لله رفعه، وأن العدل أساس الحكم، وأن الرحمة والعفو والتسامح نعم من ﷲ يختص بها عباده الصالحين، مصداقاً لقوله تعالى في كتابه العزيز "فبما رحمة من ﷲ لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على ﷲ، إن ﷲ يحب المتوكلين" صدق ﷲ العظيم.

لقد سار آباؤنا وأجدادنا من قبل على هذا النهج، واستقر في وجدانهم وضمائرهم أنّ المسؤولية أمانة، وأن خدمة الشعب واجب وشرف، وأن الحاكم الصالح، يرى نفسه خادما لرعيته وإن كانوا يرونه سيداً لهم.

وقد تعلمت من جدك الحسين، رحمه ﷲ، أنه يجب أن أنظر إلى كل واحد من شعبي على أنه بمكانة الأخ أو الأب أو الابن، فأوقّر كبيرهم، وأرحم صغيرهم وضعيفهم، وأساوي بينهم في الحقوق والواجبات، وأصفح وأعفو عمن أساء منهم، وأصل الليل بالنهار لخدمتهم والسهر على مصالحهم، ومستقبل أجيالهم القادمة، ولم تكن العلاقة بيننا نحن الهاشميين وبين الشعب الأردني الوفي العزيز علاقة حاكم ومحكوم، بل كانت علاقة محبة واحترام وتراحم وتكافل، علاقة أفراد الأسرة الواحدة المتحابة بعضهم ببعض، وقد مرّ الشعب الأردني الوفي من كل المنابت والأصول بأصعب الظروف وأقسى التجارب وظلوا أسرة واحدة متحابة متماسكة، وما خذلوا قيادتهم في أي يوم من الأيام، ولا توانوا عن النهوض بالواجب أو تقديم التضحيات مهما عظمت، فلهم علينا حق المحبة والاعتزاز والتقدير والعرفان.

لقد نشأت وترعرعت بين يدي، وإنني أتوسم فيك كل الخير، وكلي ثقة بأنك ستسير على نهج آبائك وأجدادك ملتزما بحب الوطن والانتماء إليه والتفاني في العمل المخلص الجاد، ونكران الذات وحب الظهور، والعزيمة وقوة الإرادة والاسترشاد بالخلق الهاشمي السمح الكريم المستند إلى تقوى ﷲ أولاً، ومحبة الناس والتواضع لهم، والحرص على خدمتهم، والعدل والمساواة بينهم.

إنني سعيد وفخور بما أنت عليه اليوم وعلى ثقة بما ستكون عليه في المستقبل، إن شاء ﷲ، وستجد مني كل الدعم والمؤازرة والنصيحة.

وأسأل المولى عز وجل أن يحفظك ويرعاك ويوفقك، لخدمة شعبك ووطنك، وأن يجعلك معقد الأمل والرجاء لنا، ولكل أهلك وعزوتك الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته،

والدك
عبدﷲ الثاني ابن الحسين