رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى أحمد اللوزي يعهد إليه فيها برئاسة لجنة ملكية مكلفة بمراجعة نصوص الدستور

From King Abdallah II of Jordan
26 نيسان/أبريل 2011

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ أحمد اللوزي حفظه الله،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

فيسرنا أن نبعث إليك بتحية عربية هاشمية ملؤها المودة والاحترام، وأنت الذي عرفناك جنديا أردنيا مخلصا ومتفانيا في سائر الميادين والمواقع التي حللت بها.

ولقد تابعنا باهتمام على امتداد الأسابيع الماضية ما جرى من حوارات حول حاضر العمل السياسي الأردني ومستقبله، وحول نظامنا الدستوري الرائد، والقائم على التوازن بين السلطات، وتكريس النزاهة والاستقلال والانسجام بينها. وكنّا، وما نزال، مؤمنين بأن روح التجديد والتقدم هي التي تحكم مسيرة هذا المجتمع ورؤيتنا لمستقبله.

وقد برزت على ساحة الحوار مؤخرا آراء تدعو إلى مراجعة التعديلات التي أدخلت على دستورنا، فيصل الحقوق والواجبات، والوثيقة الأهم في إرثنا السياسي والفكري، الذي شكل على الدوام شاهدا على الريادة في العمل الوطني والفكر الإنساني في المنطقة.

لقد تعددت الآراء في شأن التعديلات الدستورية، فمثّل بعضها رغبة في الرجوع إلى نصوص أو حالة دستورية سابقة، في حين ارتأت أخرى ضرورة التقدّم بالدستور نصا وروحا للارتقاء بصيغة العمل والرقابة والاستقلال ما بين سلطات الدولة الثلاث. ولم تخل الساحة من آراء ذهبت مذهب التأثر بتطورات إقليمية تحيط بنا، فكان تعاطيها مع فكرة التعديلات الدستورية محكوما برغبة الإيقاع السريع دون وعي لمكنونات هذه التعديلات، ولا رؤية حصيفة أو بعيدة المدى للبنية السياسية الضرورية لضمان تطبيق نتائجها بما يحفظ التنوع والتعدد في العمل السياسي الوطني، ويرسخ نظامنا النيابي الملكي.

إننا إذ نتوجه اليوم إلى الأردنيين والأردنيّات معبّرين عن ضرورة معالجة موضوع التعديلات الدستورية بمنهجية وعمق، وحرص على الوصول إلى مخرجات ترفد الأداء المتميز لنظامنا السياسي، لنؤكد أن بلدنا يرتكز إلى إرث هاشمي راسخ في قيادة الإصلاحات الدستورية. فها هو دستور جدنا، المغفور له بإذن الله تعالى، جلالة الملك طلال بن عبدالله، مثال راسخ على الرؤية الوطنية الشاملة.

وعليه، فإنني أعهد إلى شخصكم الكريم برئاسة لجنة ملكية تتولى مراجعة التعديلات الدستورية الضرورية، تتكون ممن يشهد لهم شعبنا الأبي بالخبرة والممارسة في التشريع والعمل الدستوري والسياسي، ومن القادرين على توفير مصدر ثقة واطمئنان للشعب بأن دستور الوطن يتم بحثه من قبل نخبة قادرة وأمينة.

أما الإطار العام لمهمة هذه اللجنة، فهو العمل على كل ما من شأنه النهوض بالحياة السياسية في السياق الدستوري، على أن تأخذ بالاعتبار ما سيصدر عن لجنة الحوار الوطني من توصيات متعلقة بالتعديلات الدستورية المرتبطة بقانوني الانتخاب والأحزاب. ونؤكد هنا أن غايتنا من ذلك كله هو ترسيخ التوازن بين السلطات، والارتقاء بالأداء السياسي الحزبي والنيابي وصولا إلى صيغة دستورية تمكن مجلس الأمة من القيام بدوره التشريعي والرقابي بكفاءة واستقلالية، بالإضافة إلى تكريس القضاء حكما مستقلا بين مختلف السلطات والهيئات والأطراف، وأن يظل مرفقا مكتمل البناء في جميع درجات التقاضي وأشكاله.

إن شعبنا العزيز ليحمّلُ لجنتكم الموقرة أمالا كبيرة في رؤية دستورية إصلاحية، وصيغ أكثر شمولية، ليصار إلى اقتراح هذه الصيغ ضمن قنوات التعديل الدستورية المؤسسية، للارتقاء بآفاق الدستور ونوعية العمل السياسي المؤسسي.

وقد استقر رأينا على اختيار الذوات التالية أسماؤهم أعضاء في اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور، للنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن العزيز، وهم:

  1. دولة السيد أحمد اللوزي (رئيسا)
  2. دولة السيد طاهر المصري، رئيس مجلس الأعيان (عضوا)
  3. دولة السيد فيصل الفايز، رئيس مجلس النواب (عضوا)
  4. دولة الدكتور فايز الطراونة (عضوا)
  5. معالي السيد راتب الوزني، رئيس المجلس القضائي (عضوا)
  6. معالي السيد رجائي المعشر (عضوا)
  7. معالي الدكتور سعيد التل (عضوا)
  8. معالي السيد طاهر حكمت (عضوا)
  9. معالي السيد مروان دودين (عضوا)
  10. معالي السيد رياض الشكعة (عضوا)

آملين من هذه الخطوة تحفيز مسيرة التجديد الوطني في البنية والفكر والأداء، وتعزيز مسيرتنا الديمقراطية للنهوض بالأردن الجديد الذي يطلق العنان لطاقات شعبنا الشاب الواعي والمبدع، وصولا إلى مرحلة من الأداء السياسي تشكل مدخلا لنقطة تحول نحو مزيد من المشاركة الشعبية في صناعة القرار والسياسات، وحماية الإنجاز الوطني والدفاع عن الحرية والعدل والديمقراطية وسائر القيم الكبرى التي حملها شعبنا في التسامح والمروءة واحترام حقوق الإنسان.

حفظ الله العلي القدير الأردن وطنا حرا أبيا، وحمى عربيا هاشميا، ووفقكم وزملاءكم في جهودكم الخيرة في هذه المهمة النبيلة.

راجين من الله تبارك وتعالى التوفيق والعون وهو خير الموفقين،

عبدالله الثاني ابن الحسين