مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع وكالة فرانس برس

أجرى المقابلة: 
رندا حبيب
For: 
وكالة فرانس برس
07 حزيران/يونيو 2004

فرانس برس: جلالة الملك ما هي الرسالة التي ستحملها إلى قمة الدول الثماني، خاصة انكم من بين قادة عرب قليلين قبلوا حضور القمة؟

جلالة الملك: سأنقل رسالة كنت احملها دائما تركز على أن أي عملية إصلاح يجب ان تنبثق من الداخل. وان تبني هذا الامر ضروري لنجاح عملية لإصلاح. ويجب ان ينظر لمبادرة الدول الثماني كجهد جدي لتشكيل شراكة طويلة الأمد بين هذه الدول والدول العربية ترتكز على الالتزام الثابت والمستمر بالحوار والتعاون والمساعدة والتنمية المستدامة.

إن العالم العربي يدرك الحاجة إلى الإصلاح والتطوير، وأبدى استعداده للتغيير. ومن خلال إعلان قمة تونس واجتماع صنعاء، ومؤتمر مكتبة الإسكندرية، واجتماع مجلس الأعمال العربي في الأردن، أعلنت الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني العربية مواقفها والتزامها بالتغيير. إن الدول والشعوب هي الأقدر على تحديد احتياجاتها ومتطلباتها الخاصة بالإصلاح. وضمن الإطار العام للاصلاح، يجب أن تعطى الدول فرصة لاختيار المبادرات ومجالات الإصلاح التي تحظى بالأولوية لديها، بدلا من اتباع خطة واحدة تشمل الجميع.

وأود هنا ان أؤكد انه لا يمكن النظر الى الإصلاح بمعزل عن القضية المركزية التي تلقي بظلالها الثقيلة على المنطقة وهي النزاع العربي الإسرائيلي. فيجب أن تكون هناك جهود جادة وسريعة لحل هذا النزاع، لان تحقيق هذا الامر سيخلق مناخا إيجابيا للإصلاح. كذلك فإن وجود عراق حر ومستقر وموحد يمثل كافة الأطياف، هو ضرورة لاستقرار الشرق الأوسط.

فرانس برس: هل تعتقدون ان الأميركيين سيتراجعون عن مبادرة الشرق الأوسط الكبير، لا سيما وان القمة العربية دعمت برنامج الاصلاح الخاص بها، وما هو جوابكم لمنتقدي هذا الإعلان الذي وصفوه بأنه غامض ؟

جلالة الملك: لقد نجحنا نحن العرب في وضع برنامج للاصلاح يستند الى الاحتياجات العربية والى مراجعات لأفكار عديدة مسبقة وضعها الغرب والولايات المتحدة والتي تتضمن تبني عملية الاصلاح، ومركزية النزاع العربي الإسرائيلي، والحاجة الى الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل دولة والوقت الذي تحتاجه لتحقيق عملية الاصلاح...

بعبارة أخرى لا يوجد خطة واحدة تنطبق على الجميع. لقد تم تجسير الفجوة بشكل كبير بين هذه الافكار، وما تبقى هو التعامل مع الدول العربية وقضاياهم وخصوصياتهم عبر الحوار... هناك دور للحوار المتواصل بيننا وبين المجتمع الدولي لمساعدتنا في جهودنا نحو الإصلاح، ولكن ليس من خلال فرض املاءات من الخارج. والحوار الذي نسعى إليه مهم، إذ أنه يعد جزءا لا يتجزأ من جهود التعاون والشراكة بين الدول الثماني والدول العربية. ونجاحه عنصر رئيسي لتحقيق الاصلاح والتطوير الذي نعمل من اجله ولتحقيق الاستقرار والسلام والرخاء.

فرانس برس: يبدو ان هناك انقساما بين الحاكم المدني الاميركي للعراق بول بريمر وممثل الامين العام للامم المتحدة الاخضر الابراهيمي والحكومة العراقية حول مستقبل العراق، كيف ترى النتيجة، وماذا يجب عمله برأيكم لضمان وحدة العراق؟

جلالة الملك: نحن نرحب بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وسنواصل دعمنا لها لبناء قدراتها ومؤسساتها، ومرتاحون أيضا لدور الأمم المتحدة المتزايد في العراق. لا ارى هناك انقساما وانما اختلاف في الاراء. مع ذلك فقد تم التوصل الى اتفاق تجاه كثير من القضايا. ان من المهم لنا الان هو التحرك قدما نحو الانتخابات العام القادم، ومن المهم ان تلعب الامم المتحدة دورا مركزيا في المساعدة للتحضير للانتخابات والمساهمة في الاشراف عليها. ان وحدة العراق مهمة للغاية ويجب المحافظة عليها. واي تطور باتجاه مبادىء الديموقراطية يجب ان يتضمن حقوق الاقلية وليس فقط الاغلبية. ونعتقد أن هذا سيساعدهم بشكل كبير في بناء العراق الجديد، ونأمل ان يتم تحقيق ذلك، وان يعمل المشرفون على الانتخابات لضمان حدوث هذا الامر.

فرانس برس: ان الصعوبات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال الاسرائيلي قد تصاعدت في الاسابيع الاخيرة، والوضع في رفح هو اخر مثال على ذلك، ما هو ثمن السلام ؟

جلالة الملك: ان ما حدث في رفح من تشريد للمدنيين الابرياء وابقائهم بدون مأوى غير مقبول بتاتا. وان التدمير الكامل للبنى التحتية والمنازل لا يخدم السلام بل يؤجج العنف. يجب علينا مضاعفة جهودنا لضمان العودة الى عملية السلام وتوفير حياة افضل ومستقبل اكثر اشراقا للفلسطينيين وللاسرائيليين ايضا. تجري حاليا مناقشات للاتفاق على خطة للانسحاب من غزة كخطوة اولى. والخطوة الثانية يجب ان تتمثل في إنهاء الاحتلال وضمان التنفيذ الكامل لخارطة الطريق، التي تشمل الانسحاب من الضفة الغربية وقيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي الفلسطينية.

ان الاردن يقدم المساعدة دائما للاشقاء الفلسطينيين، وبعد تنفيذ خطة فك الارتباط الإسرائيلية التي تتقيد بالشروط سالفة الذكر، سنكون على استعداد لتدريب قوات الشرطة الفلسطينية لتولي مهامها في تحقيق الأمن.