مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع محطة الـ ان. بي. سي.

أجرى المقابلة: 
كيتي كوريك
For: 
محطة ان. بي. سي.
15 أيلول/سبتمبر 2003

ان. بي. سي: تأتي زيارتكم الى الولايات المتحدة في أوقات صعبة حيث تستمر إراقة الدماء والعنف بشكل يومي في بلدين مجاورين لكم، رغم ذلك تأتون إلى واشنطن تحملون رسالة سلام ومصالحة.. هل ترون هذا واقعيا يا صاحب الجلالة؟

جلالة الملك: اعتقد وكما سبق وذكرت في مطلع هذا العام بشان دفع عملية السلام فان علينا مواصلة بذل الجهود لأننا شاهدنا ماهي البدائل خلال السنوات الثلاث الماضية وهي الضحايا البشرية والدمار في الجانبين، لذلك يتعين علينا بوصفنا جزءا من المجتمع الدولي مواصلة دفع عملية السلام والعمل على تهدئة الوضع في كلا البلدين بالسرعة ممكنة.

ان. بي. سي: لقد استضفتم قمة في العقبة جمعت كلا من الرئيس بوش وشارون ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس، ولكن منذ ذلك الوقت تدهورت الأمور بشكل كبير وكان آخر تطوراتها مطالبة إسرائيل بطرد أو حتى اغتيال ياسر عرفات، وقد دان وزير خارجيتكم هذا العمل، ما هو رد فعل جلالتكم على ذلك؟

جلالة الملك: اعتقد انها ستكون سابقة خطيرة جدا بطرد الرئيس عرفات او باغتياله لا سمح الله في وقت نحاول فيه تهدئة الوضع وكسر حلقة العنف، كل هذا من شأنه ايجاد مزيد من العداء بين الاسرائيلين والفلسطينين واراقة المزيد من الدماء، وكما قلت في العقبة، فقد كنت متفائلا جدا عندما اجتمع الجميع لإطلاق خريطة الطريق، ولكني قلت أيضا أن المتطرفين سيحاولون الحيلولة دون ذلك، لذا فان الانتكاسات هي أمور ينبغي علينا توقعها، ولكن ما علينا القيام به هو مواصلة السعي لتحقيق التقدم وتطبيق خريطة الطريق بأسرع وقت ممكن.

ان. بي. سي: ماذا عن ياسر عرفات، هل هو شريك في السلام، وهل يمكن الاعتماد عليه في المضي قدماً في خريطة الطريق، ما هو رأيكم؟

جلالة الملك: كانت هناك صعوبات داخل السلطة الفلسطينية، وكانت على حساب الشعب الفلسطيني نفسه، ولسوء الحظ فقد قدم رئيس الوزراء محمود عباس استقالته، ولكننا ندرك الظروف المحيطة بذلك فلم يكن يحظى بدعم من السلطة وكان على الإسرائيليين مساعدته أكثر.

ان. بي. سي: الم يكن بوسع ياسر عرفات مساعدته أكثر لو انه قام بدعمه بشكل اكبر ومنحه صلاحيات أكثر وبالتالي يحظى بدعم اكبر من الشعب الفلسطيني؟

جلالة الملك: اعتقد أن الرئيس عرفات كان يجب ان يقدم المزيد من الدعم لمحمود عباس وخريطة الطريق وكذلك الحكومة الإسرائيلية، فقد كانت أمام عباس تحديات كبيرة ولم تكن لديه الأدوات الكافية التي تمكنه من القيام بما هو مطلوب منه والآن وقد عدنا إلى البداية مع رئيس وزراء جديد هو احمد قريع الذي أعول عليه كثيراً، ونحن بحاجة إلى إعادة العملية السلمية إلى مسارها ونأمل من الرئيس عرفات ومن الاسرائيليين تبني مواقف بناءة حتى نتمكن من تحريك العملية السلمية من جديد.

ان. بي. سي: لا اقصد أن أكون متشائمة ولكن الوضع محبط، فكما تعلمون فقد تم خرق وقف إطلاق النار وقدم محمود عباس استقالته كما ذكرنا، وبدأت العمليات الانتحارية من جديد وردت إسرائيل باستهداف قادة حماس، يبدو أنها حلقة مفرغة، أليس هناك من سبيل للخروج من هذا الوضع؟

جلالة الملك: اعتقد أن خريطة الطريق بحد ذاتها هي وسيلة قوية جداً وصادق عليها الجميع في المجتمع الدولي بمن فيهم الولايات المتحدة.

ان. بي. سي: لماذا لم يتم تطبيقها؟

جلالة الملك: لأنه لم يمارس ما يكفي من الضغوط على الجانبين لكي يلتزما بما هو متوقع منهما، واعتقد أن على الاسرائيلين والفلسطينيين أن يخضعوا لمزيد من المساءلة.

ان. بي. سي:من قبل من؟

جلالة الملك: من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة.

ان. بي. سي: ماذا عن الأردن هل تمارسون ما يكفي من الضغط في رأيكم على كلا الجانبين؟

جلالة الملك: لقد عملنا بجد مع الجانبين لتذليل الخلافات، ولحسن الحظ فقد قام الأردن دائما بدور الوسيط النزيه، وكان ذلك جزءاً ايجابياً جدا في العملية السلمية، ولكننا بحاجة إلى المزيد من الضغط الدولي لضمان التزام الطرفين بما يتعين عليهما عمله.

ان. بي. سي: هل ترغبون بمشاركة اكبر للولايات المتحدة.

جلالة الملك: ان الرئيس الأميركي ملتزم وجاد في إيجاد حل لذلك، ولكن ثمة مشاكل على ارض الواقع ينبغي حلها، لدينا الآن رئيس وزراء جديد وعلينا الآن دعم الحكومة الجديدة للقيام بعملها وفتح حوار مع الولايات المتحدة.. أعرف أن هناك بعض القضايا العالقة، وجزء من سبب زيارتي للولايات المتحدة هو لبحث ما يمكن عمله مع أصدقائنا في الولايات المتحدة لإعادة الأطراف المعنية إلى الحوار ومحاولة كسر حلقة العنف.

ان. بي. سي: لننتقل إلى موضوع العراق، تعرضت سفارتكم في بغداد لعملية تفجير راح ضحيتها احد عشر شخصاً، والولايات المتحدة تطالب الآن بمزيد من القوات الدولية، ولكن الأردن رفض إرسال أي قوات أردنية باعتبار أنها ـ واقتبس ـ "مسألة حساسة" لماذا؟

جلالة الملك: اعتقد ومن جهة نظر أخلاقية إننا لا نخشى إرسال قوات إلى مناطق النزاع الساخنة في العالم.. فلدينا قوات في افغانستان منذ بداية سعي الولايات المتحدة الى اعادة بناء ذلك البلد.. اعتقد انه سيكون من الصعب على العراقيين أن يجدوا قوات في بلادهم من دول مجاورة تريد ان يكون لها علاقات متميزة مع العراق وأن تكون في موقف عادل.. لدينا وجود فاعل في العراق الآن من خلال المستشفى الميداني العسكري الذي يعالج الآلاف من العراقيين، كما أننا نحاول المساعدة في إعادة إعمار العراق، ولكنني لا اعتقد أننا الدولة المناسبة لإرسال قوات إلى العراق.

ان. بي. سي: هل تعتقدون أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة سيتمكنان من حل خلافاتهما وإرسال المزيد من القوات الدولية الى العراق؟

جلالة الملك: اعتقد ان الرئيس قد دعا إلى ذلك ومع زيارة كولن باول إلى بغداد اليوم، حيث اطلع على الوضع على ارض الواقع، فإنني اعتقد أن الرئيس محق في سياسته.. إنني أعلم أنه سيكون صراعاً صعباً، ولكن الأمم المتحدة والولايات المتحدة سيتمكنان في آخر المطاف من منح العراق المستقبل الذي يريده الشعب العراقي.

ان. بي. سي: ما هو تقييمكم لإدارة بوش من خلال ما تقوم به في العراق الآن؟

جلالة الملك: لسنا هناك على أرض الواقع، هناك ضغوط شديدة للمضي قدما بأسرع وقت ممكن، اعتقد أن الحكومة الانتقالية العراقية هي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكننا بحاجة لتحقيق تقدم على صعيد عملها بالسرعة الممكنة بحيث يقرر العراقيون أنفسهم مستقبلهم، وهذا جزء من سياسة الرئيس الأميركي، وهو بحاجة لمساعدة من المجتمع الدولي أيضاً من اجل تحقيق ذلك، وقد بحثت ذلك معهم وآمل أن نشارك نحن كجزء من المجتمع الدولي في هذه المسؤولية.