مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة عكاظ السعودية

أجرى المقابلة: 
فهيم الحامد
For: 
صحيفة عكاظ السعودية
13 أيار/مايو 2000

قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان العلاقات بين المملكة الاردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية علاقات تاريخية متجذرة تستمد قوتها ورسوخها من حرص البلدين على تطوير هذه العلاقات وتمتينها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين وامتنا العربية.

واكد جلالة الملك في مقابلة مع صحيفة عكاظ السعودية نشرتها اليوم ان زيارته الى المملكة الشقيقة التي بدات اليوم تأتي في اطار التنسيق والتشاور الذي لم ينقطع ابدا بين البلدين .

وقال جلالة الملك ..انني اتطلع الى لقاء الاخ الكبير خادم الحرمين الشريفين وسمو الامير عبدالله ولي العهد وسمو الامير سلطان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وكبار المسؤولين السعوديين لنبحث مختلف جوانب العلاقات بين البلدين والتنسيق المشترك على مختلف الصعد وبشكل خاص على الصعيد السياسي.

واكد جلالة الملك على ما يجمع بين البلدين من قواسم مشتركة تجاه مختلف القضايا الاقليمية والدولية وعليه فستكون العلاقات الثنائية والاوضاع الراهنة في المنطقة وعملية السلام ودعم التضامن العربي في صلب محادثاتنا مشددا على الدور الهام الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين في دعم ومساندة القضايا العربية وتعزيز التضامن العربي والوقوف الى جانب الاشقاء العرب في كافة الظروف.

وردا على سؤال حول تطورات عملية السلام في الشرق الاوسط ومستقبل العملية السلمية قال جلالة الملك بالرغم من المصاعب التي واجهت عملية السلام والعقبات الكثيرة التي ما زالت تقف في طريق الوصول الى السلام الذي تتطلع اليه شعوب المنطقة الا اننا ما زلنا نعتقد بامكانية تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم الذي نعمل من اجله والذي يشكل خيارا استراتيجيا لجميع الاطراف .. وبالطبع فان هذا الامر لا يمكن ان يتحقق سوى بتكاتف الجهود الدولية والعربية للضغط على اسرائيل وقبولها استحقاقات عملية السلام عبر الالتزام بالمواثيق الدولية والتنفيذ الامين لكافة الاتفاقيات الموقعة مع الاطراف العربية وهذا الالتزام هو الذي يضمن اعادة الثقة بين الاطراف المعنية من جهة وبجدوى العملية السلمية برمتها كما اننا نامل ان يتوصل الاشقاء الفلسطينيون الى اتفاق اطار مع الجانب الاسرائيلي وتنفيذ اسرائيل ما تبقى من قضايا الاتفاق الانتقالي في مرحلة قريبة ونؤكد على اهمية استئناف المفاوضات مع سوريا والتزام اسرائيل باعادة كافة الاراضي السورية المحتلة وفقا لقرارات الشرعية الدولية حتى يكون السلام شاملا .

وردا على سؤال قال جلالة الملك لقد انصبت الجهود التي قمت بها مؤخرا سواء خلال لقاءاتي بسيادة الرئيس محمد حسني مبارك وسيادة الرئيس ياسر عرفات، او الاتصالات التي اجريناها مع مختلف الاوساط الدولية في العمل من اجل اعادة عملية السلام الى مسارها الصحيح ودعم المفاوض العربي وكان موقفنا واضحا بأن المماطلة والتسويف ومحاولة التنصل من الاتفاقيات لن تصنع سلاما وعندما ذهبت الى ايلات كانت رسالتي واضحة حيث اكدت للمسؤولين الاسرائيلين على الموقف الاردني الثابت المساند للحقوق العربية المشروعة والمطالب بضرورة التزام اسرائيل بمبادىء السلام الذي يعيد الحقوق العربية كافة ويكفل لشعوب المنطقة العيش في أمن واستقرار لان السلام المنقوص لن يهيء الاستقرار الذي تتطلع اليه شعوب المنطقة والذي يمكنها من العمل لتحقيق التنمية الشاملة، وتحسين حياة الانسان العربي ومستوى معيشته .

وعن اعلان اسرائيل عن انسحابها من الجنوب اللبناني قال جلالة الملك لقد اعلنا ترحيبنا بانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان، انطلاقا من ان ذلك هو مطلب لبناني وعربي وتنفيذ لقرارات الشرعية الدولية وهذا كان يجب ان يتم قبل سنوات عديدة فقد قدم لبنان الشقيق التضحيات الكبيرة من اجل تحقيق هذا الهدف لكننا نؤكد ان هذا الانسحاب يجب ان يشمل كامل الاراضي اللبنانية برا وبحرا وجوا ووفقا لقراري مجلس الامن 425 و 426.

وعن التنسيق العربي- العربي قال جلالته اعتقد ان الوضع العربي الان افضل مما كان عليه قبل سنوات مضت والاتصالات واللقاءات العربية، العربية متواصلة، وعلى اعلى المستويات بهدف التنسيق والتشاور حول مختلف القضايا العربية، ولكن التنسيق العربي ما زال دون المستوى الذي نتطلع اليه .. وكما تعلم فقد زرت معظم الدول العربية، ولمست لدى القادة تفهما كبيرا لاهمية تواصل اللقاءات العربية، والتشاور فيما بين القيادات وبأهمية الوصول الى موقف عربي موحد ازاء التحديات التي تواجه امتنا العربية، وزيارتي الى السعودية تأتي اليوم في هذا الاطار وضمن الجهد الاردني السعودي المشترك لتوحيد المواقف العربية.

واضاف جلالة الملك ردا على سؤال حول مؤشرات لعقد قمة عربية نحن دائما نرحب وندعو لاي لقاء عربي سواء على مستوى القمة او على اي مستوى اخر واذا كان هناك توجه جاد لعقد قمة عربية فسندعم ذلك بكل امكانياتنا وطاقاتنا لنخرج بصيغة عربية موحدة تلبي آمال شعوبنا في التكاتف والتضامن وبناء موقف وتعاون عربي مشترك خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي نشهد فيها تحولات عالمية متسارعة وتكتلات اقتصادية دولية كبيرة وقد آن للعرب ان يكون لهم تكتل اقتصادي يخدم اهداف واماني الشعب العربي ويبني المستقبل الزاهر للاجيال القادمة.

وقال جلالة الملك اننا في الاردن نؤمن ايمانا راسخا بان لا بديل لعملية السلام في منطقة الشرق الاوسط ومن هذا المنطلق ندعم اشقاءنا الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم المشروعة بما في ذلك استعادة اراضيهم المحتلة بالكامل واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس.

كما اننا لم ولن ندخر جهدا لدعم الموقف السوري واللبناني وتوضيح مطالبهما العادلة في استعادة اراضيهما المحتلة بالكامل وسنعمل على بذل اقصى الجهود حتى يتحقق ذلك.

وضمن هذا السياق لن نتوانى عن تقديم اي مساعدة للاطراف المعنية اذا طلبت منا ذلك لتقريب وجهات النظر فيما بينها تجاه القضايا العالقة وبناء جسور الثقة فيما بينها بما يعيد عملية السلام الى مسارها الطبيعي لتتحقق بالتالي الاهداف المأمولة منها.

وقال جلالة الملك ردا على سؤال حول مرحلة ما بعد التسوية.. اذا كانت تلك المرحلة تعني اننا كعرب حصلنا على كافة حقوقنا المشروعة وقد استتب الامن وترسخت دعائم الاستقرار في المنطقة فما من شك انه يتوجب علينا بعد ذلك ان ننطلق بكل جد وعزم وتصميم نحو تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تستند الى قاعدة صلبة من التعاون العربي- العربي الجاد بحيث يلمس المواطن العربي العادي الاثار الايجابية لهذه التسوية التي تتمثل في تحسين ستوى المعيشة وتوفير فرص العمل في ظل اجواء من الامن والرخاء.

وعن رؤية جلالة الملك للتنسيق السعودي، الاردني تجاه عملية السلام ودفعها الى الامام قال جلالة الملك اننا نولي التنسيق والتشاور مع اشقائنا في المملكة العربية السعودية بما لها من مكانة ودور رئيسي في المنطقة وبما لخادم الحرمين الشريفين من مكانة عربية ودولية مرموقة ..عناية واهمية قصوى سواء بالنسبة للعلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين او على صعيد مختلف القضايا العربية والاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وبخاصة تجاه عملية السلام وقد كانت لقاءاتنا العديدة مع اخي جلالة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز واخي سمو الامير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد تركز بشكل رئيس على تطورات عملية السلام وسبل انجاحها وصولا للسلام العادل والشامل وانا على ثقة بان هذا التنسيق سيتواصل ويستمر لنتمكن من مساعدة اطراف عملية السلام في التوصل الى حلول لكافة القضايا العالقة التي تقف امام تقدم العملية وتحقيق اهدافها المرجوة.